أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة برئاسة سماحة الشيخ
عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، والأعضاء أصحاب الفضيلة أحمد بن علي سير المباركي،
وصالح بن فوزان الفوزان، ومحمد بن حسن آل الشيخ ،وعبدالله بن محمد الخنين،
وعبدالله بن محمد المطلق، وعبدالكريم بن عبدالله الخضير بيانا دفاعاً عن أم
المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنها :
جاء فيه أن اللجنة الدائمة للبحوث
العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية اطلعت على ما تناقلته وسائل الإعلام
من القذف والسب والطعن في عرض زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين عائشة
رضي الله عنها مكذباً للكتاب والسنة المطهرة وإحقاقاً للحق ودفاعاً عن عرض أم
المؤمنين عائشة رضي الله عنها الذي هو عرض النبي صلى الله عليه وسلم، وكتبت اللجنة
البيان الآتي :
إن من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة وجوب محبة صحابة رسول الله
صلى الله عليه وسلم وتوقيرهم والترضي عنهم فهم الذين صحبوا خاتم الأنبياء
والمرسلين وهم الذين عايشوا نزول الوحي وهم الذين مدحهم الله في كتابه وأثنى عليهم
المصطفى عليه الصلاة والسلام في سنته وكفى بذلك منقبة وفضيلة واستدلت اللجنة
بآيات قرآنية وأحاديث في تزكيتهم وذكر فضائلهم جماعة وأفراداً كثيرة
جداً.
وقالت اللجنة: من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة كذلك وجوب محبة آل بيت
النبي عليه الصلاة والسلام ومعرفة حقهم وتنزيلهم المنزلة اللائقة بهم فهم وصية
رسول الله كما ثبت بذلك الخبر من قوله عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم " أذكركم
الله في أهل بيتي ثلاثاً " وقد روى البخاري ومسلم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه
قال " والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من
قرابتي" وقال رضي الله عنه كذلك كما في صحيح البخاري :”ارقبوا محمداً في أهل
بيته”.
ومن معتقد أهل السنة والجماعة أن المرء لا يبرأ من النفاق إلا بسلامة
المعتقد في الصحابة وآل البيت يقول الطحاوي :”ومن أحسن القول في أصحاب النبي
وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق” وقال:”
ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من
أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين
وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان “ . وبهذا يتبين أن سب صحابة رسول الله صلى
الله عليه وسلم أو التعرض لعرضه عليه الصلاة والسلام بقذف أزواجه جرم عظيم وخصوصاً
الصديقة بنت الصديق وهي المبرأة من فوق سبع سماوات وكانت أحب أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم إليه وكانت أفقه نساء الأمة على الإطلاق فكان الأكابر من الصحابة رضي
الله عنهم أجمعين إذا أشكل عليهم الأمر في الدين استفتوها .
وأشارت اللجنة إلى
مناقبها رضي الله عنها، فقالت :مناقبها كثيرة مشهورة فقد وردت أحاديث صحيحة بخصائص
انفردت بها عن سواها من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن ومنها:
- مجيء
الملك بصورتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة من حرير قبل زواجها به صلى
الله عليه وسلم.
- ومن مناقبها رضي الله عنها أنها كانت أحب أزواج النبي صلى
الله عليه وسلم وقد صرح بمحبتها لما سئل عن أحب الناس إليه فقد روى البخاري عن
عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال فقلت أي الناس
أحب إليك ؟ قال” عائشة قلت: فمن الرجال” قال:” أبوها”.
- ومن مناقبها رضي الله
عنها نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها دون غيرها من نسائه
عليه الصلاة والسلام
- ومن مناقبها رضي الله عنها أن جبريل عليه السلام أرسل
إليها سلامه مع النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها
قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلام
فقلت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى مالا أرى تريد رسول الله صلى الله عليه
وسلم.. قال النووي: وفيه فضيلة ظاهرة لعائشة رضي الله عنها.
- ومن مناقبها رضي
الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بتخييرها عند نزول آية التخيير وقرن
ذلك بإرشادها إلى استشارة أبويها في ذلك الشأن لعلمه أن أبويها لا يأمرانها بفراقه
فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة فاستن بها بقية أزواجه صلى الله عليه وسلم ومن
مناقبها رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحرص على أن يمرض في
بيتها فكانت وفاته صلى الله عليه وسلم بين سحرها ونحرها في يومها وجمع الله بين
ريقه وريقها في آخر ساعة من ساعاته في الدنيا وأول ساعة من الآخرة ودفن في
بيتها
- ومن مناقبها رضي الله عنها إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها
من أصحاب الجنة فقد روى الحاكم بإسناده إلى “عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول
الله من من أزواجك في الجنة ؟ قال اما إنك منهن ؟ قالت فخيل إلي آن ذاك أنه لم
يتزوج بكراً غيري “) .
- ومن مناقبها رضي الله عنها ما رواه البخاري ومسلم عن
أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فضل عائشة
على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ففي هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه
وسلم أن فضل عائشة زائد على النساء كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة.
-
ومن مناقبها رضي الله عنها نزول آيات من كتاب الله بسببها فمنها ما هو في شأنها
خاصة ومنها ما هو على الأمة عامة فأما الآيات الخاصة بها والتي تدل على عظم شأنها
ورفعة مكانتها شهادة الباري جل وعلا لها بالبراءة مما رميت به من الإفك
والبهتان.
وقد قال بعض المحققين فيها أيضاً “ ومن خصائصها أن الله سبحانه
وتعالى برأها مما رماها به أهل الإفك وأنزل في عذرها وبراءتها وحياً يتلى في
محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة وشهد لها بأنها من الطيبات ووعدها
المغفرة والرزق الكريم وأخبر سبحانه أن ما قيل فيها من الإفك كان خيراً لها ولم
يكن ذلك الذي قيل فيها شراً لها ولا خافضاً من شأنها بل رفعها الله بذلك وأعلى
قدرها وأعظم شأنها وصار لها ذكراً بالطيب والبراءة بين أهل الأرض والسماء فيالها
من منقبة ما أجلها”. وبهذا وغيره يتبين فضلها ومنزلتها رضي الله عنها وأرضاها وأن
قذفها بما هي بريئة منه تكذيب لصريح القرآن والسنة يخرج صاحبه من الملة كما أجمع
على ذلك العلماء قاطبة ونقل هذا الإجماع عدد من أهل العلم.
فالواجب على كل مسلم
محبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والترضي عنهم أجمعين وتوقيرهم ونشر
محاسنهم والذب عن أعراضهم والإمساك عما شجر بينهم فهم بشر غير معصومين ولكن نحفظ
فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتأدب معهم بأدب القرآن.